الأحد، 25 أكتوبر 2020

فريق بحثي من “نيويورك أبوظبي” يكشف أسرار ظاهرة “بولينيا”

 

 نجح فريق من العلماء بقيادة "ديانا فرنسيس" ،عالمة الأبحاث لدى معهد "جامعة نيويورك أبوظبي"، ومساهمة من الباحثين "كلير أيرز" و"ديفيد هولاند"،

جميعهم من "مركز التغيرات الحيوية في مستوى سطح البحر" و"خوان كويستا" من "جامعة باريس إيست"، في كشف الأسرار الغامضة المحيطة بظاهرة تكون المسطحات المائية وسط الجليد في منتصف المحيطات؛ والتي يُطلق عليها اسم "بولينيا". فعلى مدى الأربعة عقود الماضية، عادت بولينيا للظهور قبل نحو عامين في القارة القطبية الجنوبية خلال فصل الشتاء بين الكتل الجليدية البحرية. وتم رصد هذه الظاهرة الجغرافية -التي يشار إليها أيضا باسم "الهضبة المحيطية المرتفعة"- في منتصف سبتمبر عام 2017، وذلك وسط كتلة جليدية بحرية تراكمية في بحر "لازاريف" بمنطقة القارة القطبية الجنوبية. وهو الأمر الذي أثار تساؤل العلماء حول كيفية حدوث هذه الظاهرة، خلال شهور الشتاء الباردة ذات طبقات الثلج البحرية الكثيفة. ونظرا لصعوبة الوصول إلى هذه المنطقة، استعان علماء الأبحاث في جامعة نيويورك أبوظبي بنتائج عمليات الرصد والمراقبة عبر الأقمار الصناعية والبيانات التحليلية، واكتشفوا أن الأعاصير الشديدة مثل الفئة 11 على مقياس "بوفورت" والرياح العاتية، تتسبب بتحول مسار الجليد إلى اتجاهات معاكسة؛ مما يؤدي إلى ظهور ظاهرة "بولينيا".
وخلال فترة اكتشاف هذه الظاهرة، بلغت مساحة المسطحات المائية وسط الجليد حوالى 9,500 كيلومتر مربع، وقد اتسعت هذه المساحة بنسبة تفوق 700 بالمئة لتصل في غضون شهر واحد إلى نحو 80 ألف كيلومتر مربع. وبدأت هذه المسطحات المائية بالاندماج مع المحيط المفتوح بمجرد بدء الجليد البحري بالذوبان، والتراجع في بداية الصيف لدى النصف الجنوبي للكرة الأرضية. تم رصد أكبر حجم لهذه الظاهرة في سبعينيات القرن الماضي، وذلك عندما بدأ استخدام أنظمة المراقبة عبر الأقمار الصناعية؛ ومنذ ذلك الحين ظهرت "بولينيا" عدة مرات ولكن بشكل أصغر، مثيرة فضول العلماء منذ أول ظهور لها في السبعينيات.
وعمل ديفيد هولاند سابقا على الجانب المتعلق بالرسومات البحرية لهذه الظاهرة، إذ قال: "سبق واكتشفنا أن وجود هضبة طينية في قاع البحر أسفل المسطحات غير المتجمدة وسط الجليد، والذي يوفر الظروف المواتية لارتفاع المياه العميقة الدافئة إلى سطح المحيط، وبالتالي الحفاظ على حرارته ومنع تشكل جليد البحر الكثيف". ويضيف: "وهو بلا شك وضع محيطي غير مستقر، ويمكن للأعاصير الجوية العاتية أن تؤدي إلى تشكل المسطحات المائية وسط الجليد فوق الهضبة المحيطية كما رأينا هنا. وقد تستمر الظاهرة لعدة أشهر، حتى بعد مرور فترة طويلة من انتهاء الإعصار، بسبب عدم استقرار المحيط الذي يواصل التسبب بارتفاع المياه العميقة الدافئة". وتقول ديانا فرنسيس: "تعتبر هذه المسطحات المائية بمثابة ممرات عبر كتل الجليد البحري، حيث تساهم في نقل كميات هائلة من الطاقة بين المحيط والغلاف الجوي. ونظرا لكونها كبيرة الحجم، فإن حدوث مثل هذه الظواهر في منتصف البحر يؤثر على المناخ إقليميا وعالميا، كونها تساهم في تعديل دوران تيارات المحيط. وإنه لمن الهام بالنسبة لنا التعرف على أسباب تكون هذه الظاهرة لتحسين مكانتها كمؤثر في المناخ". وتضيف فرنسيس: "في ضوء العلاقة التي حددتها دراستنا بين ظاهرة بولينيا والأعاصير، نتوقع تكرار حدوث مثل هذه الظواهر مع ارتفاع درجات حرارة المناخ، خاصة وأن هذه المناطق ستكون أكثر عرضة للأعاصير العاتية. وقد أظهرت الدراسات السابقة أن ارتفاع درجات الحرارة سيقترن مع ازدياد نشاط الأعاصير القطبية، كما سيتحول مسار الأعاصير المدارية نحو القارة القطبية الجنوبية، الأمر الذي قد يقلل من امتداد المسطحات الجليدية البحرية، وبجعل من المناطق التي تمهد لظهور ظاهرة بولينيا أقرب إلى نطاق تكون الأعاصير الشديدة".

المصدر: مجلة ىاشيونال جيوغرافيك (النسخة العربية)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق