الأحد، 6 سبتمبر 2020

تأثير تحليق فَراشة و آلية ضبط ذاتي في ظاهرة "إل نينو" المتأثرة بالاحترار العالمي

 لا تتميّز ظاهرتا "إل نينيو" و"لا نينيا"، اللتان يُشار إليهما معًا باسم "تذبذُب إل نينو الجنوبي"، (اختصارًا لـENSO) بكونهما بالِغَتَي الأهمية والتأثير فحسب، بل كذلك بأن العلاقة بينهما غير خطِّية إلى حد كبير، فعلى سبيل المثال،

تُعَد الانحرافات القصوى المسببة لتدفئة في ظاهرة "إل نينيو"، التي تحدث في الشرق الاستوائي من المحيط الهادئ، أكبر من الانحرافات القصوى المسببة لتبريد في ظاهرة "لا نينيا"، التي تتركَّز في الوسط الاستوائي للمحيط الهادئ.

كذلك فإن الإخماد الحراري الذي يسلك نمطًا غير خطي، والمُصاحب لهاتين الظاهرتين في الغلاف الجوي يكون له تأثير مُبرّد على المنطقة الاستوائية من المحيط الهادئ في أثناء حدوث ظاهرة "إل نينيو"، ولكنَّ تأثيره يكون مسببًا لتدفئة تلك المنطقة في أثناء حدوث ظاهرة "لا نينيا". وفي ظلِّ الاحترار الناتج عن تأثير الدفيئة، تتوقَّع نماذج المناخ زيادةً في تواتر أشكال قويّة من ظاهرتي "إل نينيو"، و"لا نينيا"، لكنَّ هذا التغيّر المتوقع يتفاوت تفاوتًا كبيرًا باختلاف النماذج المناخية، وهو ما يُعزى -جزئيًّا- إلى تقلبات المناخ الطبيعية.

وفي البحث المنشور، يبين العلماء أن حدوث اضطراب عشوائي طفيف للغاية في الظروف المناخية الأوَّلية المتطابقة –مثله مثل أثر الفراشة– يحفز تقلُّبات مناخية أوَّلية شديدة الاختلاف في ظاهرة "تذبذب إل نينو الجنوبي"، وهو ما يؤثِّر تأثيرًا منهجيًّا على استجابة هذه الظاهرة للاحترار الناتج عن تأثير الدفيئة بعد مرور قرن من الزمن.

وفي التجارب التي أجريت في ظل تقلب مناخي أَوّلي أعلى، أدَّى النقصان التراكمي الأكبر في درجة حرارة المحيط -الذي نتج عن الخمود الحراري المصاحب لظاهرة "تذبذب إل نينو الجنوبي"- إلى تقليل التدرُّج المائي في المنطقة الاستوائية العُليا من المحيط الهادئ، وهو ما أسفر عن تزايُد التقلب المناخي في ظاهرة"تذبذُب إل نينو الجنوبي" بصورة أقل من التي يتزايد بها في ظل الاحترار الناتج عن تأثير الدفيئة.

وتسري آلية الضبط الذاتي هذه في مجموعتين كبيرتين من التوقعات المناخية، أنشِئتا باستخدام نموذجين مناخيين مختلفين، ينطلق كلاهما من ظروفٍ أوَّلية متطابقة، لكن يطرأ عليهما اضطراب طفيف على غرار تأثير الفراشة. كما تسري هذه الآلية في مجموعةٍ كبيرة أخرى أنشِئَت باستخدام نموذجٍ آخر ينطلق من ظروفٍ أوَّلية مختلفة، وفي نماذج مناخية تندرج في مشروع "المقارنة البينية للنماذج المقترنة"Coupled Model Intercomparison.

ويصل العلماء إلى نتيجةٍ مفادها أنه إذا أدت التقلبات المناخية الطبيعية في البداية إلى كبح زيادة تقلُب المناخ في ظاهرة "تذبذب إل نينو الجنوبي"، تلك الزيادة التي يسببها الاحترار الناتج عن تأثير الدفيئة، فمن المرجَّح أن يتعزز التقلُّب المناخي مستقبلًا في ظاهرة "تذبذب إل نينو الجنوبي"، والعكس صحيح.

وتُقدِّم آلية الضبط الذاتي هذه، التي توضح تقلُّبات المناخ في "تذبذب إل نينو الجنوبي" على مدى العصور، منظورًا مختلفًا لفهم ديناميكية هذه التقلبات على نطاقاتٍ زمنية متعددة، وفي مناخٍ متغير.

المصدر: مجلة Nature النسخة العربية

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق